فصل: فصل (ميراث المفقود)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاختيار لتعليل المختار ***


فصل‏:‏ في الولاء

وهو نوعان‏:‏ ولاء عتاقة وولاء موالاة، وقد ذكرنا صورتهما وأحكامهما في كتاب الولاء، ونذكر في هذا الفصل ما يتعلق بالإرث، فنبدأ بولاء العتاقة فنقول‏:‏ إذا مات المعتق ولا عصبة له من جهة النسب فالمولى المعتق عصبته، لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏الولاء لمن أعتق‏)‏ وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏الولاء لُحمة كلُحمة النسب‏)‏ ومات معتق لابنة حمزة رضي الله عنهما عنها وعن بنت، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المال بينهما نصفين‏.‏ وأعتق رجل عبدا له عند رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفّرك فهو شر له وخير لك، وإن مات ولم يدع وارثا كنت أنت عصبته‏)‏ ولا يرث الأسفل من الأعلى لأنه لا قرابة بينهما وإنما ألحق الولاء بالنسب في حق الأعلى حيث أنعم على عبده بالإعتاق وتسبب إلى حياته معنى، فجوزي باستحقاق الإرث صلة له وكرامة، وهذا المعنى معدوم من العبد فلا يقاس عليه، فلو مات المعتق عن صاحب فرض، والمعتق أخذ صاحب الفرض فرضه والباقي للمعتق لأنه عصبته لما روينا، والولاء يورث به ولا يورث‏.‏ قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏الولاء لُحمة كلُحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث‏)‏ ويستحق بالعصوبة، وإليه الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏كنت أنت عصبته‏)‏ وليس للنساء من الولاء شيء بالإرث لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كابتن أو كاتب من كاتبن‏)‏ وهو لأقرب عصبة المعتق، فلو مات عن ابن المعتق وأبيه فالولاء كله للابن؛ وقال أبو يوسف‏:‏ للأب السدس والباقي للابن، لأن الأب يكون عصبة حتى يحرز جميع المال لو انفرد‏.‏ ولهما أنه صاحب فرض مع الابن فصار كالزوج فلا يزاحم الابن العصبة؛ ولو مات عن جد مولاه وأخيه فالكل للجد؛ وقالا‏:‏ بينهما نصفان وقد عرف؛ وعن عدة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا‏:‏ الولاء للكبر أي للأقرب إلى الميت نسبا، وهذا لا يعرف إلا سماعا فصار كالمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وصورته‏:‏ إذا مات المعتق عن ابنين، ثم مات أحدهما عن ابن، ثم مات المعتق فولاؤه لابن مولاه دون ابن ابنه لما روينا ولأنه أقرب نسبا وعصوبة؛ ولو مات الابنان وترك أحدهما ابنا والآخر ابنين فالولاء على عدد رؤوسهم لاستوائهم في العصوبة والقرب، ولأن الجد لو مات قسمت تركته على حفدته كذلك، فكذلك ما ورثوه بسببه؛ وأما مولى الموالاة فإن الأعلى يرث الأسفل ويعقل عنه إذا جنى مقابلة للغنم بالغرم، وهو مؤخر عن ذوي الأرحام لأن ذوي الأرحام يرثون بالقرابة وهي أقوى وآكد من الولاء لأنها لا تقبل النقض والولاء يقبله، بخلاف الزوجين حيث يرث معهما لأنهما بعد الموت كالأجانب، ولهذا لا يرد عليهما، فإذا أخذا حقهما صار الباقي خاليا عن الوارث فيكون لمولى الموالاة‏.‏ ولو اتفقا في عقد الموالاة على أن يرث كل واحد من الآخر صح، وورث كل واحد منهما الآخر إذا لم يكن عصبة ولا ذو سهم ولا ذو رحم، والفرق بين ولاء العتاقة وولاء الموالاة أن السبب في ولاء العتاقة العتق الذي هو إحياء معنى على ما بينا، وأنه من الأعلى خاصة، والسبب في ولاء الموالاة العقد والشرط، فيثبت على الوصف الذي عقدا وشرطا‏.‏ والأصل في الإرث بولاء الموالاة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 33‏]‏ وكان في ابتداء الإسلام يتوارثون بالعقد والحلف دون النسب والرحم حتى نزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 75‏]‏ فنسخ تقديمه وصار مؤخرا عن ذوي الأرحام وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وجماعة من التابعين رضوان الله عليهم أجمعين، على أنا نقول بموجب الآية فلا نوّرثه مع وجود ذوي الأرحام، وإنما نوّرثه عند عدمهم فلا تكون الآية ناسخة وهو مذهب أصحابنا، ولأنه جعل ماله له بعقده، ولا تعلق للوارث به فصار كالوصية بجميع المال ولا وارث له، أو كان لكنه أجاز الوصية فإنه يجوز كذا هذا، فصار مستحقا للمال فلا يوضع في بيت المال، لأنه إنما يوضع في بيت المال عند عدم المستحق لا أنه مستحق وسئل عليه الصلاة والسلام عن رجل أسلم على يد رجل ووالاه فقال‏:‏ ‏(‏هو أحق الناس به محياه ومماته‏)‏ يشير إلى العقل والإرث في هاتين الحالتين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الغرقى والهدمى‏]‏

‏(‏الغرقى والهدمى إذا لم يعلم أيهم مات أولا، فمال كل واحد للأحياء من ورثته‏)‏ وهكذا الحكم في كل جماعة ماتوا ولا يدري أيهم مات أولا كالقتلى والحرقى ونحوهم، وهو قول عامة الصحابة والعلماء‏.‏ وعن علي وابن مسعود أنه يرث بعضهم بعضا إلا ما ورث من صاحبه وهو قول أبي حنيفة أولا‏.‏ مثاله‏:‏ أخوان غرقا ولكل واحد تسعون دينارا وخلف بنتا وأما وعما، فعند عامة العلماء تقسم تركة كل واحد بين الأحياء من ورثته البنت والأم والعم على ستة، ولا يرث أحدهما من الآخر‏.‏ وعلى قول علي وابن مسعود يقسم التسعون للبنت النصف خمسة وأربعون دينارا وللأم السدس خمسة عشر دينارا، والباقي وهو ثلاثون للأخ، ولا شيء للعم، ثم يقسم الثلاثون بين البنت والأم والعم أسداسا كما تقدم، والصحيح قول العامة لأنه احتمل موتهما معا واحتمل تقدم أحدهما واحتمل تأخره، فوقع الشك في استحقاقه الميراث واستحقاق الأحياء متيقن فلا يعارضه الشك، ولأن أحدهما إن جعل حيا حتى ورث من الآخر كيف يجعل ميتا حتى يرثه الآخر ‏؟‏ وإن علم موت أحدهما أولا ولا يدري أيهم هو أعطى كل واحد اليقين ووقف المشكوك حتى يتبين أو يصطلحوا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ميراث المجوسي‏]‏

‏(‏المجوسي لا يرث بالأنكحة الباطلة‏)‏ لبطلانها، ويرث بالقرابة لثبوتها، كما لو مات وترك امرأة هي أمه أو أخته ترث بالأمومة والأخوة دون الزوجية ‏(‏وإذا اجتمع فيه قرابتان لو تفرقتا في شخصين ورثا بهما ورث بهما‏)‏ وهو مذهب عامة الصحابة‏.‏ وقال زيد بن ثابت‏:‏ يرث بأثبتهما، وهي التي يورث بها بكل حال، وبه قال مالك والشافعي‏.‏ والصحيح قول العامة، لأن كل واحدة من القرابتين بانفرادها علة صالحة لاستحقاق الإرث، ويجوز أن يستحق الواحد مالين بجهتين إذا وجد سببا استحقاق كابني عم أحدهما أخ لأم أو زوج على ما تقدم، ولا يلزم الأخت لأبوين حيث لا ترث بقرابتي الأبوة والأمومة، لأن الشرع جعلهما قرابة واحدة في التوريث نصا لا قياسا‏.‏ وصورته‏:‏ مجوسي تزوج بنته فولدت منه بنتا ثم مات فقد مات عن بنتين فلهما الثلثان والباقي لعصبته وسقط اعتبار الزوجية، ولو ماتت بعده البنت التي كانت زوجة فقد ماتت عن بنت هي أختها، فلها جميع المال النصف بالبنتية والنصف بعصبة الأختية؛ وعند زيد لها النصف بالبنتية لا غير؛ ولو ماتت بعده البنت المولودة فقد خلفت أما وهي أختها من الأب فلها الثلث بالأمومة والنصف بالأختية والباقي للعصبة‏.‏ وعند زيد لها الثلث بالأمومة لا غير لأنها أثبتهما قرابة لأنها لا تحجب بحال، وإذا ترافعوا إلينا قسمنا بينهم كالقسمة بين المسلمين، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فإن جاؤوك فاحكم بينهم‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 42‏]‏ وهو مروي عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس، ورواية عن زيد رضي الله عنهم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ميراث الحمل‏]‏

‏(‏والحمل يرث ويوقف نصيبه‏)‏ بإجماع الصحابة، ولأنه يحتمل وجوده فيرث، ويحتمل عدمه فلا يرث فيوقف حتى يتبين بالولادة احتياطا؛ فإن ولد إلى سنتين حيا ورث لأنه عرف وجوده وإن احتمل حدوثه بعد الموت لكن جعل موجودا قبل الموت حكما حتى يثبت نسبه لقيام الفراش في العدة، وهذا إذا كان الحمل من الميت؛ فأما إذا كان من غير الميت، كما إذا مات وأمه حامل من غير أبيه وزوجها حي، فإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لا يرث لاحتمال حدوثه بعد الموت فلا يرث بالشك إلا أن تقر الورثة بحملها يوم الموت، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر فإنه يرث لأنا تيقنا بوجوده عند موته، ثم الحمل لا يخلو إما أن يكون ممن يحجب حجب حرمان أو حجب نقصان أو يكون مشاركا لهم؛ فإن كان يحجب حجب حرمان، فإن كان يحجب الجميع كالإخوة والأخوات والأعمام وبنيهم توقف جميع التركة إلى أن تلد لجواز أن يكون الحمل ابنا، وإن كان يحجب البعض كالإخوة والجدة تعطى الجدة السدس ويوقف الباقي، وإن كان يحجب حجب نقصان كالزوج والزوجة يعطون أقل النصيبين ويوقف الباقي‏.‏ وكذلك يعطى الأب السدس لاحتمال أنه ابن، وإن كان لا يحجبهم كالجد والجدة يعطون نصيبهم ويوقف الباقي، وإن كان لا يحجبهم ولكن يشاركهم بأن ترك بنين أو بنات وحملا، روى ابن المبارك عن أبي حنيفة أنه يوقف له نصيب أربعة من البنين أو البنات أيهما أكثر لأنه قد وقع ذلك فيوقف ذلك احتياطا، وكان شريك بن عبد الله ممن حملت به أمه مع ثلاثة‏.‏ وروى هشام عن أبي يوسف وهو قول محمد أنه يوقف نصيب ابنين لأنه كثير الوقوع وما زاد عليه نادر فلا اعتبار به‏.‏ وروى الخصاف عن أبي يوسف وهو قوله أنه يوقف نصيب ابن واحد وعليه الفتوى لأنه الغالب المعتاد وما فوقه محتمل، والحكم مبني على الغالب دون المحتمل، فإن ترك ابنين وحملا؛ فعلى قول ابن المبارك يوقف ثلثا المال، وعلى قول محمد نصف المال وعلى قول أبي يوسف ثلث المال؛ وإن ولد ميتا لا حكم له ولا إرث، وإنما تعرف حياته بأن تنفس كما ولد أو استهل بأن سمع له صوت أو عطس أو تحرك عضو منه كعينيه أو شفتيه أو يديه، لأن بهذه الأشياء تعلم حياته، قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه‏)‏ فإن خرج الأكثر حيا ثم مات ورث، وبالعكس لا اعتبارا للأكثر، فإن خرج مستقيما فإذا خرج صدره ورث، وإن خرج منكوسا يعتبر خروج سرته، وإن مات بعد الاستهلال ورث وورث عنه‏.‏

فصل ‏[‏ميراث المفقود‏]‏

المفقود وقد ذكرنا أحكامه وما يتعلق به حال حياته، ومتى يحكم بموته في بابه، ونذكر هنا ما يختص بالإرث فنقول‏:‏ من مات في حال فقده ممن يرثه المفقود يوقف نصيب المفقود إلى أن يتبين حاله لاحتمال بقائه، فإذا مضت المدة التي تقدم ذكرها على ما فيها من الاختلاف ولم يعلم حاله وحكمنا بموته قسمت أمواله بين الموجودين من ورثته كما بينا؛ وأما الموقوف من تركة غيره فإنه يرد على ورثة ذلك الغير ويقسم بينهم كأن المفقود لم يكن لأنا تيقنا بكونهم وارثين وشككنا فيه، فكان توريثهم أولى لأن الشك لا يعارض اليقين‏.‏ والأصل في ذلك إن كان معه وارث يحجب به لا يعطى شيئا، وإن كان لا يحجب ولكن ينقص يعطي أقل النصيبين ويوقف الباقي‏.‏ مثاله‏:‏ مات عن بنتين وابن مفقود وابن ابن وبنت ابن، يعطي البنتان النصف لأنه متيقن ويوقف النصف الآخر، ولا يعطي ولد الابن شيئا لأنهم يحجبون به فلا يعطون بالشك، وإن كان معه وارث لا يحجب كالجد والجدة يعطي كل نصيبه كما في الحمل‏.‏

فصل ‏[‏ميراث الخنثى‏]‏

الخنثى قد سبق في كتاب الخنثى صورته وأحكامه والاختلاف فيه والدليل على توريثه من مثاله، ونذكر الآن أحكام ميراثه‏.‏ والأصل فيه أن أبا حنيفة رحمه الله يعطيه أخس النصيبين في الميراث احتياطا، فلو مات أبوه وتركه وابنا فللابن سهمان وله سهم؛ ولو تركه وبنتا فالمال بينهما نصفان فرضا وردا‏.‏ أخت لأب وأم وخنثى لأب وعصبة، للأخت النصف وللخنثى السدس تكملة الثلثين كالأخت من الأب والباقي للعصبة‏.‏ زوج وأم وخنثى لأبوين للزوج النصف وللأم الثلث والباقي للخنثى ويجعل ذكرا لأنه أقل‏.‏ زوج وأخت لأبوين وخنثى لأب سقط ويجعل عصبة لأنه أسوأ الحالين‏.‏ وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله‏:‏ للخنثى نصف نصيب ذكر ونصف نصيب أنثى عملا بالشبهين، وهو قول الشعبي‏.‏ مثاله‏:‏ ابن وخنثى‏.‏

قال محمد على قول الشعبي‏:‏ المال بينهما على اثني عشر سهما للابن سبعة وللخنثى خمسة‏.‏ وقال أبو يوسف رحمه الله‏:‏ على سبعة، للابن أربعة، وللخنثى ثلاثة، لأن الابن عند الانفراد يستحق جميع المال، والخنثى يستحق ثلاثة أرباعه، فإذا اجتمعا يقسم بينهما على قدر حقيهما فيضرب هذا بأربعة وهذا بثلاثة فيكون سبعة‏.‏ ولمحمد رحمه الله أن الخنثى لو كان ذكرا كان المال بينهما نصفين، ولو كان أنثى كان أثلاثا فيحتاج إلى حساب له نصف وثلث وأقله ستة، فلو كان الخنثى ذكرا يكون له ثلاثة، ولو كان أنثى فاثنان فسهمان له بيقين ووقع الشك في سهم فينصف فيكون له سهمان ونصف فيضعف ليزول الكسر فتصير اثني عشر للخنثى خمسة وللابن سبعة، وعلى هذا تخريج جميع مسائل الخنثى‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏في الموانع من الإرث‏]‏

قد ذكرنا أن الموانع من الإرث‏:‏ الرق، والقتل، واختلاف الملتين والدارين حكما‏.‏ أما الرق فلأن العبد لا ملك له وليس من أهل الملك والتملك، وكذلك المكاتب‏.‏ قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏المكاتب عبد ما بقي عليه درهم‏)‏ فلا يرث ولا يورث ولا يحجب، فإن مات وترك وفاء أدي عنه بدل الكتابة والباقي لورثته على ما عرف في بابه، والمستسعي كالمكاتب عنده، وقد مر في العتق‏.‏ وأما الكفر، فلقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏لا يتوارث أهل ملتين شتى‏)‏، ‏(‏لا يرث كافر من مسلم، ولا مسلم من كافر‏)‏ والكفر كله ملة واحدة يرث بعضهم بعضا وإن اختلفت شرائعهم‏.‏ روى سعيد بن جبير عن عمر رضي الله عنه أنه قال‏:‏ الكفر كله ملة واحدة ولأن الكفر كله ضلال وهو ضد الإسلام فيجعل ملة واحدة، ويتوارثون بما يتوارث به أهل الإسلام من الأسباب إلا الأنكحة الباطلة؛ واختلاف الدارين حقيقة أن يكون لكل دار ملك على حدة ويرى كل واحد منهما قتال الآخر كالروم والصين، لأن عند ذلك تكون الولاية منقطعة فيما بينهم كدار الإسلام ودار الحرب‏.‏ أهل الذمة وأهل الحرب لا توارث بينهم، سواء كان الحربي في دارهم أو مستأمنا عندنا لا يرث الذمي ولا يرثه الذمي لانقطاع الولاية فيما بين أهل الدارين، لأن الحربي باق على حكم حربه فإنه لا يمنع من العود إلى داره، وهذا معنى اختلاف الدارين حكما؛ وإذا مات المستأمن عندنا وترك مالا يجب أن نبعثه إلى ورثته وفاء بمقتضى الأمان؛ ومن مات من أهل الذمة ولا وارث له فماله لبيت المال لأنه لا مستحق له، وميراث المرتد وأحكامه مر في السير‏.‏ وأما القتل فالقاتل مباشرة بغير حق لا يرث من مقتوله عمدا كان أو خطأ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا ميراث لقاتل بعد صاحب البقرة‏)‏ من غير فصل بين العمد والخطأ، وقتل الصبي والمجنون والمعتوه والمبرسم والموسوس لا يوجب حرمان الميراث لأن الحرمان ثبت جزاء قتل محظور، وفعل هؤلاء ليس بمحظور لقصور الخطاب عنهم فصار كالقتل بحق، والحديث خص عنه القتل بحق فتخص هذه الصور بظاهر آيات المواريث وظاهر الآيات أقوى من ظاهر الحديث‏.‏ والتسبيب إلى القتل لا يحرم الميراث كحافر البئر وواضع الحجر وصب الماء في الطريق ونحوه، لأن حرمان الميراث يتعلق بالقتل حقيقة والتسبيب ليس قتلا حقيقة لأن القتل ما يحل في الحي فيؤثر في انزهاق الروح والتسبيب ليس كذلك لأنه فعل في غيره تعدى أثره إليه، وصار كمن أوقد نارا في داره فأحرق دار جاره لا ضمان عليه؛ وكل قتل أوجب القصاص أو الكفارة كان مباشرة فيحرم به الميراث، ومالا يوجب ذلك فهو تسبيب لا يحرّم الميراث، والراكب مباشر لأن ثقله وثقل الدابة اتصل بالمقتول فكأنهما وطئاه جميعا، والنائم ينقلب على مورثه فيقتله مباشرا، والقائد والسائق مسبب لأنه لم يتصل ثقله بالمقتول فلا يكون مباشرا، وفي قتل الباغي العادل وعكسه تفصيل وخلاف عرف في السير بتوفيق الله تعالى‏.‏

فصل المناسخات

‏(‏المناسخة‏:‏ أن يموت بعض الورثة قبل القسمة‏.‏ والأصل فيه أن تصحح فريضة الميت الأول وتصحح فريضة الميت الثاني، فإن انقسم نصيب الميت الثاني من فريضة الأول على ورثته فقد صحت المسألتان‏)‏‏.‏ مثاله‏:‏ ابن وبنت مات الابن عن ابنين، فريضة الأول من ثلاثة للابن سهمان وللبنت سهم، وفريضة الثاني من اثنين فيقسم نصيبه على ورثته ‏(‏وإن كان لا يستقيم، فإن كان بين سهامه ومسألته موافقة فاضرب وفق التصحيح الثاني في التصحيح الأول، وإن لم يكن بينهما موافقة فاضرب كل الثاني في الأول، فالحاصل مخرج المسألتين‏.‏ وطريق القسمة أن تضرب سهام ورثة الميت الأول في المضروب، وسهام ورثة الميت الثاني في كل ما في يده أو في وفقه‏)‏ لأن تركة الثاني بعض فريضة الأول، فإذا صار جميع الفريضة الأولى مضروبا في جميع الثانية صار كل بعض منها مضروبا في جميع الثانية فتصير جميع الثانية مضروبا في بعض الأولى وهو تركة الثاني ضرورة لأن الضرب يقوم بالطرفين‏.‏ ‏(‏فإن مات ثالث فصحح المسألتين الأوليين‏)‏ على ما ذكرنا ‏(‏وانظر إلى سهام الثالث معهما إن كان منهما أو من أحدهما، فإن انقسمت على مسألته فقد صحت المسائل الثلاث، وإن لم تنقسم فاضرب مسألته أو وفقها فيما صحت منه الأوليان، فمن له شيء من الأولى والثانية مضروب في الثالثة أو في وفقها، ومن له شيء في الثالثة مضروب في سهام الميت الثالث أو في وفقها، وكذا إن مات رابع وخامس‏)‏‏.‏ مثاله‏:‏ امرأة وأم وأخت من أم وعم، مات العم وخلف ابنا وبنتا، الأولى من اثني عشر والثانية من ثلاثة وسهام العم ثلاثة تستقيم على مسألته فقد صحت المسألتان من اثني عشر‏.‏ آخر‏:‏ زوجة وثلاثة أخوات متفرقات وعم، ماتت الأخت من الأبوين وخلفت هؤلاء، الأولى من ثلاثة عشر للأخت من الأبوين ستة تنقسم على تركتها فصحت المسألتان من ثلاثة عشر، حصل للأخت من الأب خمسة‏:‏ سهمان من الأولى، وثلاثة من الثانية، وللأخت من الأم ثلاثة، من الأولى سهمان ومن الثانية سهم، وللعم سهمان من الثانية، وللزوجة ثلاثة من الأولى‏.‏ آخر زوجة وثلاث أخوات متفرقات، ماتت الأخت من الأبوين وخلفت زوجا وأختا لأب وأختا لأم، الأولى من ثلاثة عشر، والثانية من سبعة، وسهام الميت الثاني من التركة الأولى ستة لا تستقيم على مسألتها وهي سبعة ولا موافقة، فاضرب سبعة في ثلاثة عشر يكن إحدى وتسعين منها تصح المسألتان‏.‏ آخر زوجة وثلاث أخوات متفرقات وأم وأخ لأم من سبعة عشر، ماتت الأم وخلفت أبا وأما وابنا وابنتين من ستة وسهامهما من الأولى اثنان لا تستقيم على مسألتها لكن توافق بالنصف، فاضرب وفق مسألتها وهو ثلاثة في سبعة عشر يكن إحدى وخمسين منها تصح المسألتان، فكل من له شيء من الأولى مضروب في ثلاثة، ومن له شيء من الثانية مضروب في واحد فيكون للمرأة تسعة وللأخت من الأبوين ثمانية عشر وللأخت من الأب ستة، وللأخت من الأم ستة، وللأخ من الأم ستة، ولكل واحد من الأبوين سهم واحد‏.‏ آخر ابنان مات أحدهما وترك بنتا وأخا، ثم ماتت البنت وتركت زوجا وبنتا وعما هو ابن الميت الأول، الأولى من اثنين وكذلك الثانية، والثالثة من أربعة، اضرب أربعة في مبلغ الفريضتين الأوليين وهي أربعة تكن ستة عشر منها تصح المسائل، للعم من المسألتين الأوليين سهمان من مسألة الأب، وسهم من الأخ اضربها في أربعة يكن اثني عشر، وكان للميت الثالث سهم من أبيها مضروب في أربعة يستقيم على ورثتها، للبنت سهمان، وللزوج سهم، والباقي للعم وهو سهم فحصل له وهو ابن الميت الأول وأخ الثاني وعم الثالث ثلاثة عشر من المسائل، من الأولى ثمانية، ومن الثانية أربعة، ومن الثالثة سهم‏.‏ آخر رجل مات وترك ابنين وبنتين ثم مات أحد الابنين عن امرأة وبنت وعصبة، الأولى من ستة والثانية من ثمانية، وسهامه من الأول اثنان لا يستقيم على مسألته لكن يوافق فريضة بالنصف فاضرب وفق فريضته وهو أربعة في الفريضة الأولى وهي ستة تكن أربعة وعشرين منها تصح المسألتان، كان للابن من الميت الأول سهمان مضروبان في أربعة تكن ثمانية، وللبنتين سهمان مضروبان في أربعة ثمانية، وللزوجة سهم مضروب في وفق فريضة وهو سهم يكون لها، وللبنت أربعة مضروبة في سهم هي لها، وللعم ثلاثة في سهم هي له؛ ولو ماتت البنت عن زوج وأم وعصبة تصح من ستة، وسهامها من المسألة الثانية أربعة، وبينهما موافقة بالنصف فاضرب وفق فريضتها وهي ثلاثة في مبلغ الفريضتين الأولتين وهو أربعة وعشرون تكن اثنين وسبعين منها تصح المسائل؛ وعلى هذا تخرج جميع مسائل هذا الباب، والذي يسهل ذلك المباشرة وكثرة العمل بتوفيق الله تعالى‏.‏ حساب الفرائض ‏(‏اعلم أن الفروض نوعان‏:‏ الأول النصف والربع والثمن‏.‏ والثاني الثلث والثلثان والسدس‏)‏ ومخرج كل كسر عدد ما في الواحد من أمثاله ومخرج الكسر المكرر مخرج الكسر المفرد كالثلث والثلثين والسدس والسدسين ‏(‏فالنصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس والسدسان من ستة؛ فإذا اختلط النصف من النوع الأول بكل النوع الثاني‏)‏ وهو الثلث والثلثان والسدس ‏(‏أو ببعضه‏)‏ أي بواحد منها ‏(‏أو باثنين فهي من ستة؛ وإن اختلط الربع بالكل أو ببعضه فمن اثني عشر، وإن اختلط الثمن كذلك فمن أربعة وعشرين‏)‏ وقد تقدم أمثلته في فصل العول‏.‏ ‏(‏فإذا صحت الفريضة، فإن انقسمت سهام كل فريق عليه فلا حاجة للضرب، وإن انكسرت فاضرب عدد رؤوس من انكسر عليه في أصل المسألة وعوّلها إن كانت عائلة فما خرج صحت منه المسألة‏)‏ مثاله‏:‏ امرأة وأخوان للمرأة الربع سهم يبقى ثلاثة لا يستقيم على أخوين ولا يوافقه فاضرب اثنين في أربعة يكن ثمانية منها تصح‏.‏ ‏(‏وإن وافق سهامهم عددهم فاضرب وفق عددهم في المسألة‏)‏ مثاله‏:‏ امرأة وستة إخوة، للزوجة الربع ويبقى ثلاثة لا تستقيم على ستة وبينهما موافقة بالثلث، فاضرب وفق عددهم وهو اثنان في أصل المسألة وهو أربعة تكن ثمانية منها تصح، كان للزوجة سهم في اثنين تكن اثنين، وللإخوة ثلاثة في اثنين يكن ستة لكل واحد سهم‏.‏ آخر زوجة وستة إخوة وثلاث أخوات لأبوين، أصلها من أربعة، للزوجة سهم يبقى ثلاثة لا تستقيم على خمسة عشر لكن بينهما موافقة بالثلث فترجع الخمسة عشر إلى ثلثها وهو خمسة فاضرب خمسة في أربعة تكن عشرين منها تصح‏.‏ ‏(‏وإن انكسرت على فريقين فاطلب الموافقة بين سهام كل فريق وعددهم ثم بين العددين، فإن كانا متماثلين فاضرب أحدهما في أصل المسألة، وإن كانا متداخلين فاضرب أكثرهما‏.‏ وإن كانا متوافقين فاضرب وفق أحدهما في الآخر فما خرج في المسألة، وإن كانا متباينين فاضرب كل أحدهما في الآخر ثم المجموع في المسألة‏)‏ مثاله‏:‏ ثلاثة أعمام وثلاث بنات، للبنات الثلثان يبقى سهم للأعمام فقد انكسر على الفريقين وهما متماثلان فاضرب عدد أحدهما وهو ثلاثة في أصل المسألة تكن تسعة منها تصح‏.‏ آخر خمس جدات وخمس أخوات لأبوين وعم أصلها من ستة ولا موافقة بين السهام والأعداد لكن الأعداد متماثلة، فاضرب أحدهما وهو خمسة في المسألة تكن ثلاثين منها تصح‏.‏ آخر جدة وست أخوات لأبوين وتسع أخوات لأم من ستة وتعول إلى سبعة، للجدة سهم وللأخوات لأم سهمان ولا موافقة، وللأخوات لأبوين أربعة وبينهما موافقة بالنصف فترجع إلى ثلاثة وهي داخلة في التسعة، فاضرب تسعة في أصل المسألة وهي سبعة تكن ثلاث وستين منها تصح‏.‏ آخر بنت وست جدات وأربع بنات ابن وعم، من ستة ولا موافقة بين السهام والأعداد، لكن بين الرؤوس وهي الستة والأربعة موافقة بالنصف فاضرب نصف أحدهما في الآخر يكن اثني عشر ثم اثني عشر في المسألة يكن اثنين وسبعين منها تصح‏.‏ آخر زوجة وست عشرة أختا لأم وخمسة وعشرون عما ربع وثلث وما بقي أصلها من اثني عشر، وبين سهام الأخوات وعددهن موافقة بالربع فترجع إلى أربعة، وبين الأعمام وسهامهم موافقة بالخمس فترجع إلى خمسها وهي خمسة، ولا موافقة بين الأعداد، فاضرب أحد العددين وهو أربعة في الآخر وهو خمسة يكن عشرين ثم اضربها في أصل المسألة اثني عشر يكن مائتين وأربعين منها تصح‏.‏ ‏(‏وإن انكسر على ثلاث فرق أو أكثر فكذلك تطلب المشاركة أولا بين السهام والأعداد، ثم بين الأعداد والأعداد، ثم افعل كما فعلت في الفريقين في المداخلة والمماثلة والموافقة والمباينة‏)‏ ولا يتصور الكسر على أكثر من أربع فرق في الفرائض ‏(‏وما حصل من الضرب بين الفرق وسهامهم يسمى جزء السهم فاضربه في أصل المسألة‏)‏ مثاله‏:‏ أربع زوجات وثلاث جدات واثنا عشر عما، أصلها من اثني عشر للزوجات الربع ثلاثة، وللجدات السدس سهمان، وللأعمام ما بقي سبعة، ولا موافقة بين الأعداد والسهام، لكن الأعداد متداخلة، فاضرب أكثرها وهو اثني عشر في أصل المسألة تكن مائة وأربعة وأربعين منها تصح، كان للزوجات ثلاثة في اثني عشر تكن ستة وثلاثين لكل زوجة تسعة، وكان للجدات سهما في اثني عشر أربعة وعشرين لكل جدة ثمانية، وكان للأعمام سبعة في اثني عشر أربعة وثمانين لكل عم سبعة‏.‏ آخر ست جدات وتسع بنات وخمسة عشر عما أصلها من ستة، للجدات سهم لا ينقسم ولا موافقة، وللبنات أربعة كذلك، وللأعمام سهم كذلك، وبين أعدادهم موافقة، فاضرب ثلث الجدات وهو اثنان في عدد البنات وهو تسعة تكن ثمانية عشر، ثم اضرب وفقها الثلث وهو ستة في عدد الأعمام وهو خمسة عشر تكن تسعين، ثم اضرب التسعين في أصل المسألة وهو ستة تكن خمسمائة وأربعين منها تصح‏.‏ آخر زوجتان وعشر جدات وأربعون أختا لأم وعشرون عما، أصلها من اثني عشر للزوجتين الربع ثلاثة لا تنقسم ولا موافقة، وللجدات السدس سهمان لا ينقسم لكن بينهما موافقة بالنصف فيرجع إلى نصفها وهي خمسة، وللأخوات الثلث أربعة لا ينقسم ولكن يوافق بالربع فيرجع إلى ربعها وهو عشرة، وللأعمام ما بقي وهو ثلاثة لا تستقيم ولا موافقة والخمسة والعشرة داخلة في العشرين، فاضرب عشرين في أصل المسألة وهو اثنا عشر تكن مائتين وأربعين منها تصح‏.‏ آخر أربع زوجات وخمس عشرة جدة وثماني عشرة بنتا وستة أعمام، أصلها من أربعة وعشرين، للزوجات الثمن ثلاثة لا يستقيم ولا يوافق، وللجدات السدس أربعة كذلك، وللبنات الثلثان ستة عشر بينهم موافقة بالنصف فيرجع إلى النصف وهي تسعة، بقي للأعمام سهم معنا أربعة وخمسة عشر وتسعة وستة وبين التسعة والستة موافقة بالثلث فاضرب ثلث أحدهما في الآخر يكن ثمانية عشر بينهما وبين الخمسة عشر موافقة بالثلث أيضا، فاضرب ثلث أحدهما في الآخر يكن تسعين وهي توافق الأربعة‏:‏ النصف فاضرب اثنين في التسعين يكن مائة وثمانين اضربها في أصل المسألة أربعة وعشرين يكن أربعة آلاف وثلاثمائة وعشرين منها تصح‏.‏ آخر زوجتان وعشر بنات وست جدات وسبعة أعمام، من أربعة وعشرين، للزوجتين الثمن ثلاثة لا ينقسم ولا يوافق، وللبنات الثلثان ستة عشر بينهما موافقة بالنصف فترجع إلى خمسة، للجدات السدس أربعة بينهما موافقة بالنصف أيضا يرجع إلى ثلاثة، وللأعمام سهم، هنا اثنان وخمسة وثلاثة وسبعة كلها متباينة فاضرب اثنين في خمسة تكن عشرة، اضربها في ثلاثة تكن ثلاثين، اضربها في سبعة تكن مائتين وعشرة، اضربها في أصل المسألة تكن خمسة آلاف وأربعين‏.‏

فصل‏:‏ في معرفة التوافق والتماثل والتداخل والتباين

اعلم أن كل عددين لا يخلو عن هذه الأقسام الأربعة‏.‏ أما المتماثلان فهما المتساويان كالثلاثة والثلاثة، والخمسة والخمسة وهذا يعرف بالبديهية‏.‏ وأما المتداخلان فكل عددين أحدهما جزء الآخر وهو أن لا يكون أكثر من نصفه كالثلاثة مع التسعة والأربعة مع الاثني عشر، فالثلاثة ثلث التسعة، والأربعة ثلث الاثني عشر، والأربعة نصف الثمانية، وكذلك الثلاثة مع الستة‏.‏ طريق معرفة ذلك أن تسقط الأقل من الأكثر، فإن فنى به فهما متداخلان كالخمسة والأربعة مع العشرين، فإنك إذا أسقطت الخمسة من العشرين أربع مرات، أو الأربعة خمس مرات فنيت العشرون فعلمت أنهما متداخلان‏.‏ أو نقول‏:‏ كل عددين ينقسم الأكثر على الأقل قسمة صحيحة فهما متداخلان كما ذكرنا، فإنك إذا قسمت العشرين على الخمسة يجيء أربعة أقسام صحيحة، وكذلك إذا قسمتها على الأربعة يجيء خمسة أقسام صحيحة‏.‏ وأما المتوافقان فكل عددين لا يفني أحدهما الآخر ولا ينقسم عليه لكن يفنيهما عدد آخر يكونان متوافقين بجزء العدد المفني‏:‏ كالثمانية مع الاثني عشر تفنيهما أربعة فهما متوافقان بالربع، وكذلك خمسة عشر مع خمسة وعشرين ينفيهما خمسة فتوافقهما بالخمس، وقد يفنيهما أعداد كاثني عشر وثمانية عشر فإنه يفنيهما الستة والثلاثة والاثنان فيؤخذ جزء الوفق من أكثر الأعداد فيكون أخصر في الضرب والحساب‏.‏ وطريق معرفة الموافقة أن ينقص أحدهما من الآخر أبدا، فما بقي فخذ جزء الموافقة من ذلك كخمسة عشر مع خمسة وعشرين، فإنك إذا نقصت منها الخمسة عشر تبقى عشرة، فإذا نقصت العشرة من خمسة عشر تبقى خمسة، فإذا نقصت الخمسة من العشرة تبقى خمسه فتأخذ جزء الموافقة من خمسة‏.‏ وطريق معرفة جزء الموافقة أن تنسب الواحد إلى العدد الباقي فما كان من نسبة الواحد إليه فهو جزء التوافق مثاله ما ذكرنا‏.‏ بقي خمسة أنسب الواحد إليها تكن خمسا، فاعلم أن الموافقة بينهما بالأخماس، وإن كان الجزء المفني أكثر من عشرة كالستة والثلاثين والأربعة والخمسين فالذي يفنيهما الثمانية وعشر، واثنان وعشرون وثلاثة وثلاثون يفنيهما أحد عشر، وثلاثون وخمسة وأربعون يفنيهما خمسة عشر، فانظر فإن كان العدد المفني فردا أولا وهو الذي ليس له جزء صحيح‏:‏ أي لا يتركب من ضرب عدد في عدد كأحد عشر فقل الموافقة بينهما جزء من أحد عشر لأنه لا يمكن التعبير عنه بشيء آخر‏.‏ وإن كان العدد المفني زوجا كالثمانية عشر فيما ذكرنا، أو فردا مركبا وهو الذي له جزءان صحيحان أو أكثر كخمسة عشر فإن لها جزأين صحيحين وهو الخمس ثلاثة والثلاث خمسة، ويسمى مركبا لأنه يتركب من ضرب عدد في عدد وهو ثلاثة في خمسة، فإن شئت أن تقول كما قلت في الفرد الأول وهو موافق بجزء من خمسة عشر وبجزء من ثمانية عشر، وإن شئت أن تنسب الواحد إليه بكسرين ينضاف أحدهما إلى الآخر فتقول في خمسة عشر بينهما موافقة بثلث الخمس وفي ثمانية عشر بثلث السدس، وقيس عليه نظائره‏.‏ وأما المتباينان فكل عددين ليسا متداخلين ولا متماثلين ولا يفنيهما إلا الواحد كالخمسة مع السبعة، والسبعة مع التسعة، وأحد عشر مع عشرين وأمثاله، وإذا صحت المسألة بما تقدم من الطرق وأردت أن تعرف نصيب كل فريق من التصحيح فاضرب ما كان له من أصل المسألة فيما ضربته من أصلها فما خرج فهو نصيب ذلك الفريق ومعرفة نصيب كل وارث أن تضرب سهامه فيما ضربته في أصل المسألة يخرج نصيبه‏.‏ مثاله‏:‏ أربع زوجات وست أخوات لأبوين وعشرة أعمام، أصلها من اثني عشر، للزوجات الربع ثلاثة لا تستقيم ولا توافق، وللأخوات الثلثان ثمانية لا تستقيم لكن يوافق بالنصف يرجع إلى ثلاثة، وللأعمام واحد، هنا أربعة وثلاثة وعشرة، بين الأربعة والعشرة موافقة بالنصف، فاضرب نصف أحدهما في الآخر يكن عشرين، ثم اضرب العشرين في ثلاثة يكن ستين، اضربها في أصل المسألة اثني عشر يكن سبعمائة وعشرين منها تصح، فإذا أردت أن تعرف نصيب كل فريق فقل‏:‏ كان للزوجات ثلاثة مضروبة فيما ضربته في أصل المسألة وهي ستون تكن مائة وثمانين، وكان للأخوات ثمانية مضروبة في ستين يكن أربعمائة وثمانين، وكان للأعمام سهم في ستين تكن ستين؛ وإذا شئت أن تعرف نصيب كل وارث فقال‏:‏ كان لكل زوجة ثلاثة أرباع سهم مضروبة في ستين تكن خمسة وأربعين، وكان لكل أخت سهم وثلث في ستين يكن ثمانين، ولكل عم عشر سهم في ستين تكن ستة، فهذا بيان تصحيح المسائل ومعرفة نصيب كل فريق وكل وارث، فقس عليه أمثاله واعمل بما أوضحته من الطرق تجده كذلك إن شاء الله تعالى‏.‏ وطريق آخر لمعرفة نصيب كل فرد‏:‏ أن تقسم المضروب على أي فريق شئت ثم اضرب الخارج في نصيب ذلك الفريق فالحاصل نصيب كل واحد من ذلك الفريق‏.‏ مثاله ما تقدم من المسألة المضروب ستون تقسمه على الزوجات الأربع تخرج خمسة عشر تضرب في نصيب الزوجات وهو ثلاثة تكن خمسة وأربعين فهو نصيب كل زوجة؛ ولو قسمتها على الأخوات يخرج لكل أخت عشرة تضربها في سهامهن وهي ثمانية تكن ثمانين هي لكل أخت؛ ولو قسمتها على الأعمام تخرج ستة تضربها في نصيبهم وهو سهم يكن ستة لكل عم‏.‏ وطريق آخر طريق النسبة، أن تنسب سهام كل فريق من أصل المسألة إلى عدد رؤوسهم ثم تعطي بمثل تلك النسبة من المضروب لكل واحد من آحاد الفريق‏.‏ ومثاله مسألتنا فنقول‏:‏ سهام الزوجات ثلاثة ينسبها إلى عددهن وهو أربع يكن ثلاثة أرباع المضروب وهو خمسة وأربعون، وهكذا تعمل في نصيب الأخوات والأعمام‏.‏

فصل‏:‏ في قسمة التركات

‏(‏وإذا كانت التركة دراهم أو دنانير، وأردت أن تقسمها على سهام الورثة، فاضرب سهام كل وارث من التصحيح في التركة، ثم اقسم المبلغ على المسألة؛ وإن كان بين التركة والتصحيح موافقة فاضرب سهام كل وارث من التصحيح في وفق التركة، ثم اقسم المبلغ على وفق التصحيح يخرج نصيب ذلك الوارث‏)‏ وكذلك تعمل لمعرفة نصيب كل فريق؛ وإن شئت أن تعمل بطريق النسبة كما تقدم، وإن شئت بطريق القسمة، وإذا أردت أن تعرف صحة العمل من خطئه فاجمع تفصيله وقابله بالجملة، فإن تساويا فالعمل صحيح وإلا فهو خطأ فأعد العمل ليصح إن شاء الله‏.‏ مثاله‏:‏ زوج وأخت لأب وأخت لأم، أصلها من ستة وتعول إلى سبعة، والتركة خمسون دينارا، فاضرب سهام الزوج وهي ثلاثة في خمسين يكن مائة وخمسين، اقسمها على المسألة وهي سبعة تخرج أحدا وعشرين وثلاثة أسباع، وكذلك الأخت من الأب، وسهم للأخت من الأم تضربه في خمسين تكن خمسين اقسمها على سبعة تخرج سبعة وسبع، وإذا جمعت كانت خمسين فقد صح العمل‏.‏ وطريق النسبة أن تنسب سهام الزوج وهي ثلاثة أسباع فيكون له من التركة ثلاثة أسباعها وهي أحد وعشرون وثلاثة أسباع وهكذا تفعل بالباقي‏.‏ وطريق القسمة أن تقسم التركة على سبعة تخرج سبعة وسبع، تضربها في سهام الزوج وهي ثلاثة يكن أحدا وعشرين وثلاثة أسباع، وهكذا يفعل بالباقي‏.‏ آخر‏:‏ زوج وأبوان وبنتان، أصلها من اثني عشر وتعول إلى خمسة عشر، والتركة أربعة وثمانون دينارا وبينهما موافقة بالثلث، فاضرب سهام البنتين وهي ثمانية في وفق التركة وهو ثمانية وعشرون تكن مائتين وأربعة وعشرين، اقسمها على وفق التصحيح وهو خمسة تكن أربعة وأربعين وأربعة أخماس، ثم اضرب سهام الأبوين وهي أربعة في ثمانية وعشرين تكن مائة واثني عشر، اقسمها على خمس تكن اثنين وعشرين وخمسين ثم اضرب سهام الزوج وهي ثلاثة في ثمانية وعشرين تكن أربعة وثمانين، اقسمها على خمسة تكن ستة عشر وأربعة أخماس فقد صحت المسألة‏.‏ وطريق القسمة أن يقسم وفق التركة وهو ثمانية وعشرون على وفق المسألة وهي خمسة يخرج خمسة وثلاثة أخماس، إن ضربتها في سهام الزوج تخرج ستة عشر وأربعة أخماس، وفي سهام الأبوين اثنان وعشرون وخمسان وفي سهام البنتين أربعة وأربعين وأربعة أخماس، والمجموع أربعة وثمانون فقد صحت‏.‏ وطريق النسبة أن تقول‏:‏ للزوج ثلاثة من خمسة عشر يكون له خمس التركة وهو ستة عشر وأربعة أخماس، وللأبوين أربعة من خمسة عشر سدسها وعشرها فأعطهما سدس التركة وعشرها وهو اثنان وعشرون وخمسان، وللبنتين ثمانية من خسمة عشر ثلث وخمس فلهما ثلث التركة وخمسها، وذلك أربعة وأربعون وأربعة أخماس، والمجموع أربعة وثمانون فقد صحت المسألة، وإذا كانت سهام المسألة عددا أصم فاعمل ما ذكرت من طريق الضرب، فإن بقي شيء لا ينقسم بالآحاد على المقسوم عليه فاضربه في عدد القراريط وهو عشرون واقسمها، فإن بقي من القراريط شيء لا ينقسم بالآحاد فاضربه في عدد الحبات ثلاثة ثم اقسمه، فإن بقي شيء لا ينقسم فاضربه في عدد الأرز أربعة، فإن بقي شيء فانسبه بالأجزاء إلى الأرزة‏.‏ مثاله‏:‏ زوج وجدة وجد وبنت، من اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر، والتركة أحد وثلاثون دينارا، فاضرب سهام الزوج ثلاثة في التركة يخرج ثلاثة وتسعون، اقسمها على المسألة ثلاثة عشر والتركة أحد وثلاثون دينارا فاضرب سهام الزوج ثلاثة في التركة تخرج ثلاث وتسعون، اقسمها على المسألة ثلاثة عشر يخرج لكل واحد سبعة، بقي اثنان لا ينقسمان بالآحاد فاضربهما في عدد القراريط يكن أربعين، اقسمها على المسألة وهي ثلاثة عشر يبقى واحد ابسطه أرزا يكن اثني عشر، انسبها إلى المسألة بالأجزاء فيكون للزوج سبعة دنانير وثلاثة قراريط واثني عشر جزءا من ثلاثة عشر جزءا من أرزة؛ وللجد سهمان اضربهما في أحد وثلاثين يكن اثنين وستين، اقسمها على المسألة تخرج أربعة يبقى عشرة اضربها في القراريط تكن مائتين، اقسمها على المسألة تخرج خمسة عشر يبقى خمسة، ابسطها حبات تكن خمسة عشر، اقسمها على المسألة يبقى حبتان ابسطهما أرزا تكن ثمانية، انسبها بالأجزاء فحصل للجد أربعة دنانير وخمسة عشر قيراطا وحبة وثمانية أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من أرزة، وللجدة مثله، وللبنت ضعف الزوج وهو أربعة عشر دينارا وستة قراريط وأرزة وأحد عشر جزءا من ثلاثة عشر جزءا من أرزة وجمتلها أحد وثلاثون دينارا فصحت المسألة ‏(‏وكذلك يقسم بين أرباب الديون فيجعل مجموع الديون كتصحيح المسألة، ويجعل كل دين كسهم وارث‏)‏‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الصلح بين العرماء أو الورثة على شيء من التركة‏]‏

‏(‏ومن صالح من الغرماء أو الورثة على شيء من التركة فاطرحه كأن لم يكن، ثم اقسم الباقي على سهام الباقين‏)‏‏.‏ مثاله‏:‏ زوج وأم وعم صالح الزوج عن نصيبه من التركة على ما في ذمته من المهر فاطرحه كأنها ماتت عن أم وعم فاقسم التركة بينهما للأم الثلث والباقي للعم، وقد سبق في الصلح بفروعه وتعليله بتوفيق الله تعالى‏.‏ المسائل الملقيات وقد تقدم أكثرها في أثناء الفصول ورقمت أسماءها على الحاشية ليسهل تناولها، وهذه مسائل لم تذكر‏.‏ المشركة زوج وأم واثنان من ولد الأم وإخوة وأخوات من الأبوين، للزوج النصف، وللأم السدس، ولأولاد الأم الثلث ويسقط الباقون؛ وكذا لو كان مكان الأم جدة، هذا قول أبي بكر وعمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم وهو مذهب أصحابنا‏.‏ وقال ابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهما‏:‏ العصبة من ولد الأبوين يشاركون ولد الأم في الثلث، وهو قول عمر رضي الله عنه آخرا فإنه قضى أولا بمثل مذهبنا فوقعت في العام القابل، فأراد أن يقضي بمثل قضائه الأول، فقال أحد الإخوة لأبوين‏:‏ يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا ألسنا من أم واحدة فشرك بينهم وقال‏:‏ ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضي‏.‏ سميت مشركة لأن عمر رضي الله عنه شرك بينهم وحمارية لقوله‏:‏ هب أن أبانا كان حمارا؛ ولو كان مكان الإخوة لأبوين إخوة لأب سقطوا بالإجماع ولا تكون مشركة، والصحيح مذهبنا لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت فلأولي عصبة ذكر‏)‏ وأنه يقتضي تقديم أولاد الأم فمن شرّك بينهم فقد خالف النص ولأنه يوافق الأصول، فإن أولاد الأم أصحاب فرض بنص الكتاب، وأولاد الأبوين عصبة بنص الكتاب على ما سبق، والتشريك ينافي ذلك‏.‏ الخرقاء أم وجد وأخت، سميت خرقاء لأن أقاويل الصحابة تخرقتها‏.‏ قال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ للأم الثلث والباقي للجد؛ وقال زيد‏:‏ للأم الثلث والباقي بين الجد والأخت أثلاثا، وقال علي‏:‏ للأم الثلث وللأخت النصف والباقي للجد؛ وعن ابن عباس روايتان‏:‏ في رواية للأخت النصف والباقي بين الأم والجد نصفان، وفي رواية وهو قول عمر رضي الله عنه‏:‏ للأخت النصف وللأم ثلث الباقي والباقي للجد، وتسمى عثمانية لأن عثمان انفرد فيها بقول خرق الإجماع فقال‏:‏ للأم الثلث والباقي بين الجد والأخت نصفان، قالوا‏:‏ وبه سميت خرقاء، أو تسمى مثلثة عثمان ومربعة ابن مسعود ومخمسة الشعبي لأن الحجاج سأله عنها فقال‏:‏ اختلف فيها خمسة من الصحابة، وإذا أضيف إليهم قول الصديق كانت مسدسة‏.‏ المروانية ست أخوات متفرقات وزوج، للزوج النصف، وللأختين لأبوين الثلثان، وللأختين لأم الثلث، وسقط أولاد الأب، أصلها من ستة وتعول إلى تسعة، سميت مروانية لوقوعها في زمن مروان بن الحكم، وتسمى الغراء لاشتهارها بينهم‏.‏ الحمزية ثلاث جدات متحاذيات وجد وثلاث أخوات متفرقات‏.‏ قال أبو بكر وابن عباس رضي الله عنهم‏:‏ للجدات السدس والباقي للجد، أصلها من ستة وتصح من ثمانية عشر‏.‏ وقال علي رضي الله عنه‏:‏ للأخت من الأبوين النصف، ومن الأب السدس تكملة الثلثين، وللجدات السدس، وللجد السدس، وهو قول ابن مسعود‏.‏ وعن ابن عباس رواية شاذة‏:‏ للجدة أم الأم السدس والباقي للجد‏.‏ وقال زيد‏:‏ للجدات السدس والباقي بين الجد والأخت لأبوين والأخت لأب على أربعة، ثم ترد الأخت من الأب ما أخذت على الأخت من الأبوين، أصلها من ستة وتصح من اثنين وسبعين وتعود بالاختصار إلى ستة وثلاثين للجدات ستة، وللأخت من الأبوين نصيبها، ونصيب أختها خمسة عشر، وللجد خمسة عشر سميت حمزية لأن حمزة الزيات سئل عنها فأجاب بهذه الأجوبة‏.‏ الدينارية زوجة وجدة وبنتان واثنا عشر أخا وأخت واحدة لأب وأم، والتركة ستمائة دينار، للجدة السدس مائة دينار، وللبنتين الثلثان أربعمائة دينار، وللزوجة الثمن خمسة وسبعون دينارا، يبقى خمسة وعشرون دينارا لكل أخ ديناران وللأخت دينار، ولذلك سميت الدينارية، وتسمى الداودية لأن داود الطائي سئل عنها فقسمها هكذا، فجاءت الأخت إلى أبي حنيفة فقالت‏:‏ إن أخي مات وترك ستمائة دينار فما أعطيت إلا دينارا واحدا، فقال‏:‏ من قسم التركة ‏؟‏ قالت‏:‏ تلميذك داود الطائي، فقال‏:‏ هو لا يظلم هل ترك أخوك جدة ‏؟‏ قالت‏:‏ نعم، قال‏:‏ هل ترك بنتين ‏؟‏ قالت‏:‏ نعم، قال‏:‏ هل ترك زوجة ‏؟‏ قالت‏:‏ نعم، قال‏:‏ هل معك اثنا عشر أخا ‏؟‏ قالت‏:‏ نعم، قال‏:‏ إذن حقك دينار‏.‏ وهذه المسألة من المعاياة، فيقال‏:‏ رجل خلف ستمائة دينار وسبعة عشر وارثا ذكورا وإناثا فأصاب أحدهم دينار واحد‏.‏ الامتحان أربع زوجات وخمس جدات وسبع بنات وتسع أخوات لأب، أصلها من أربعة وعشرين للزوجات الثمن ثلاثة، وللجدات السدس أربعة، وللبنات الثلثان ستة عشر، وللأخوات ما بقي سهم، ولا موافقة بين السهام والرؤوس ولا بين الرؤوس والرؤوس، فيحتاج إلى ضرب الرؤوس بعضها في بعض، فاضرب أربعة في خمسة تكن عشرين، ثم اضرب عشرين في سبعة تكن مائة وأربعين، ثم اضرب مائة وأربعين في تسعة تكن ألفا ومائتين وستين فاضربها في أصل المسألة أربعة وعشرين تكن ثلاثين ألفا ومائتين وأربعين منها تصح المسألة‏.‏ وجه الامتحان أن يقال‏:‏ رجل خلف أصنافا عدد كل صنف أقل من عشرة ولا تصح مسألته إلا مما يزيد على ثلاثين ألفا‏.‏ المأمونية أبوان وبنتان ماتت إحدى البنتين وخلفت من خلفت، سميت مأمونية لأن المأمون أراد أن يولي قضاء البصرة أحدا فأحضر بين يديه يحيى بن أكثم فاستحقره، فسأله عن هذه المسألة، فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن الميت الأول ذكرا كان أو أنثى، فعلم المأمون أنه يعلم المسألة فأعطاه العهد وولاه القضاء‏.‏ والجواب فيها يختلف بكون الميت الأول ذكرا أو أنثى، فإن كان ذكرا، فالمسألة الأولى من ستة للبنتين الثلثان وللأبوين السدسان، فإذا ماتت إحدى البنتين فقد خلفت أختا وجدا صحيحا أب أب وجدة صحيحة أم أب، فالسدس للجدة والباقي للجد، وسقطت الأخت على قول أبي بكر‏.‏ وقال زيد‏:‏ للجدة السدس، والباقي بين الجد والأخت أثلاثا على ما عرف من الأصول وصحيح المناسخة كما مر من الطريق، وإن كان الميت الأول أنثى فقد ماتت البنت عن أخت وجدة صحيحة أم أم وجد فاسد أب أم، فللجدة السدس وللأخت النصف، والباقي رد عليهما، وسقط الجد الفاسد بالإجماع‏.‏ مسائل من متشابه الفرائض مما يسأل عنها ويمتحن بها الفرضيون ذكرتها رياضة للخاطر‏.‏

قال محمد بن الحسن‏:‏ جاء رجل إلى قوم يقتسمون ميراثا، فقال‏:‏ لا تقتسموا فإن لي امرأة غائبة، فإن كانت حية ورثت هي ولم أرث أنا، وإن كانت ميتة ورثت أنا؛ فهذه امرأة ماتت وتركت أما وأختين لأبوين وأختا لأم وأخا لأب هو زوج أختها لأمها، فللأختان الثلثان، وللأم السدس، وللأخت لأم السدس إن كانت حية، ولا يبقى لزوجها شيء لأنه عصبة فإنه أخ لأب، وإن كانت ميتة فله الباقي وهو السدس لأنه عصبة‏.‏ امرأة جاءت إلى قوم يقتسمون ميراثا فقالت‏:‏ لا تقتسموا فإني حبلى، فإن ولدت غلاما ورث، وإن ولدت جارية لم ترث‏.‏ صورته‏:‏ رجل مات وترك بنتين وعما وامرأة حبلى من أخيه، فإن ولدت غلاما فهو ابن أخيه وهو عصبة مقدم على العم فيرث؛ وإن ولدت جارية فهي بنت أخ من ذوي الأرحام فلا ترث؛ ولو قالت‏:‏ إن ولدت غلاما لا يرث، وإن ولدت جارية ورثت‏.‏ صورته‏:‏ امرأة ماتت عن زوج وأم وأختين لأم وحمل من الأب، إن ولدت جارية فهي أختها لأبيها فيكون للأم السدس، وللزوج النصف، وللأخت لأب النصف، وللأختين لأم الثلث، أصلها من ستة تعول إلى تسعة؛ وإن ولدت غلاما فللزوج النصف، وللأم السدس، ولأولاد الأم الثلث، ولا شيء للغلام لأنه عصبة؛ وإن قالت إن ولدت غلاما لا يرث هو ولا أنا، وإن ولدت جارية ورثت أنا وهي، فهذا رجل مات وله زوجة حامل هي أمة الغير، قال لها مولاها‏:‏ إن كان في بطنك جارية فأنت حرة، فإذا ولدت جارية تبين أنها حرة وابنتها حرة فترثان، وإن ولدت غلاما فهي جارية وابنها عبد فلا يرثان‏.‏ ولو علق الحرية بكونه غلاما فالجواب على العكس؛ وإن قالت‏:‏ إن وضعت ذكرا أو أنثى لم يرث، وإن وضعت ذكرا وأنثى ورثا، هذا رجل ترك أما وأختا لأبوين وامرأة أب حبلى وجدا، فإن ولدت ذكرا أو أنثى عاد الجد ورد سهمه على الأخت لأبوين، وإن ولدت ذكرا وأنثى رد على الأخت إلى تمام النصف وبقي لهما نصف تسع وهي مختصرة زيد‏.‏ وإن قالت‏:‏ إن ولدت ابنا ورثت أنا وهو ثلث المال، وإن ولدت بنتا لم ترث شيئا، هذا رجل زوج ابن ابنه بنت ابن ابن له آخر، فولدت ابنا وصار الابن في درجة أمه، ثم مات الرجل وخلف سوى هذين بنتين، لهما الثلثان، والباقي وهو الثلث بين الغلام وأمه للذكر مثل حظ الأنثيين؛ ولو ولدت بنتا سقط لاستكمال البنات الثلثين وعدم المعصب لهما‏.‏ ولو قالت‏:‏ إن ولدت ابنا لم يرث شيئا‏.‏ وإن ولدت بنتا فلها النصف ولي الثمن والباقي للعصبة، هذا رجل خلف عصبة وعبدين لا مال له غيرهما فأعتقهما العصبة، فشهدا بعد العتق لامرأة أنها زوجة الميت حامل منه، فإن ولدت غلاما لم يرثا لأنه لو ورثا سقط العصبة فبطل عتقهما وبطلت شهادتهما فلا تثبت الزوجية والنسب فتوريثهما يؤدي إلى إبطاله؛ وإن ولدت أنثى فلها الثمن وللبنت النصف والباقي للعصبة، ونفذ عتق العبدين لأن للعصبة فيهما نصيبا، فإن كان موسرا يضمن نصيبهما وصحت شهادتهما وثبت النكاح والنسب، وإن كان معسرا سعى العبدان والمستسعي كالحر المديون، وهذا كله على قول أبي يوسف ومحمد‏.‏ رجل خلف خالا وعما، ورثه خاله دون عمه، هذا رجل تزوج أخوه لأبيه أم أمه فجاءت بابن فهو خاله وابن أخيه وهو أقرب من العم، ويقال‏:‏ رجل خاله ابن أخيه‏.‏ ويقال‏:‏ رجل هو خال عمه، ويقال‏:‏ عم خاله‏.‏ رجل خلف زوجته وأخا لها الثمن والباقي لأخيها، هذا رجل زوّج ابنه حماته فأولدها ابنا فهو أخو زوجته وابن ابنه‏.‏ رجل هو خال رجل وعمه، هذا رجل تزوج أب أبيه أم أمه فولدت ابنا فهو خاله وعمه‏.‏ رجلان كل واحد منهما عم للآخر‏.‏ صورته‏:‏ رجلان تزوج كل واحد منهما أم الآخر فولدتا ابنين فكل ابن عم الآخر‏.‏ وصورة أخرى‏:‏ رجل تزوج أخوه لأمه أم أبيه فولدت ابنا فالمولود عم الرجل والرجل عمه‏.‏ رجلان كل واحد منهما خال الآخر‏.‏ صورته‏:‏ رجلان تزوج كل واحد منهما بنت صاحبه فولدت ابنا فالابنان كل واحد منهما خال الآخر؛ أو يقال‏:‏ هو رجل تزوج أبو أمه بأخته لأبيه فولدت ابنا، فالمولود خال الرجل والرجل خاله‏.‏ رجلان أحدهما خال الآخر والآخر عمه‏.‏ صورته‏:‏ رجل تزوج امرأة وتزوج ابنه أمها فولدتا ابنين، فابن الأب عم ابن الابن، وابن الابن خال ابن الأب‏.‏ رجل خلف مالا وورثة فهم رجل واحد، فإن كان ابن الميت فله ألفا درهم‏.‏ وإن كان ابن عمه فله عشرون ألفا، هذا رجل ترك ستين ألف درهم وترك ثمانية وخمسين بنتا، فإن كان الرجل ابنا قاسمهن فنصيبه ألفان، وإن كان ابن عم فلهن الثلثان وله الباقي وهو عشرون ألفا‏.‏ رجل باع أباه في مهر أمه‏.‏ هذه حرة تزوجت عبدا فأولدها ابنا، ثم طلقها فتزوجت سيده على مهر فطالبته وقد أفلس، فقضى لها بالعبد، فوكلت ابنا منه ببيعه وقبض مهرها من ثمنه‏.‏ رجل خلف ست ورّاث وتسعين دينارا فأصاب أحدهما دينار واحد، وهذا رجل خلف أما وجدا وأختا لأب وأم وأخوين وأختا لأب فمسألته تصح من تسعين، وسهم الأخت من الأب دينار واحد‏.‏ مريض قال لرجل‏:‏ يرثني زوجتاك وجدتاك وعمتاك وخالتاك وأختاك، هذا المريض تزوج جدتي الرجل فولدت كل واحدة بنتين فهما خالتاه وعمتاه وقد كان الرجل تزوج جدتي المريض وتزوج أب المريض أم الصحيح فأولدها بنتين فهما أختا المريض لأبيه وأختا الآخر لأمه، فإذا مات المريض بعد أبيه فقد خلف زوجتين هما جدتا المخاطب وأربع بنات هن خالتاه وعمتاه وجدتين هما زوجتاه وأختين لأب هما أختاه لأمه‏.‏ امرأة تزوجت أربعة ورثت من كل واحد نصف ماله، هذه امرأة ورثت هي وأخوها أربعة أعبد فأعتقاهم، ثم تزوجتهم على التعاقب وماتوا، فلها من كل واحد الربع بالنكاح والربع بالولاء وذلك نصف ماله‏.‏ امرأة وابنها اقتسموا مال ميت نصفين بغير ولاء، هذا رجل زوّج بنته ابن أخيه فولدت منه ابنا‏.‏ ثم مات الرجل بعد موت ابن أخيه فقد ترك بنته فلها النصف، وترك ابنها وهو ابن ابن أخيه فيأخذ الباقي بالتعصيب وهو النصف، ثلاثة إخوة لأم أحدهما ابن عم، فلهم ثلث المال بالأخوة لكل واحد تسعة، والباقي هو ستة أتساع لابن العم، فبقي معه سبعة أتساع‏.‏ رجل خلف ثمانية بنين ومالا، وقال‏:‏ يأخذ الأكبر عشرة دنانير وتسع ما بقي، والثاني عشرين دينارا وتسع ما بقي، والثلاث ثلاثين دينارا وتسع ما بقي، والرابع أربعين دينارا وتسع ما بقي، والخامس خمسين دينارا وتسع ما بقي، والسادس ستين دينارا وتسع ما بقي، والسابع سبعين دينارا وتسع ما بقي، والثامن الباقي ففعلوا ذلك، فكان المال بينهم على السواء‏.‏ الجواب كان المال ستمائة وأربعين دينارا‏.‏ فإذا أخذ الأكبر عشرة دنانير تبقى ستمائة وثلاثون دينارا تسعها سبعون يأخذها يبقى معه ثمانون وهو ثمن المال يبقى خمسمائة وستون، فإذا أخذ الثاني عشرين دينارا وتسع الباقي ستين صار معه ثمانون وهو ثمن الجميع يبقى أربعمائة وثمانون، فإذا أخذ الثالث ثلاثين وتسع الباقي خمسين صار معه ثمانون أيضا يبقى أربعمائة، فإذا أخذ الرابع أربعين وتسع الباقي أربعين يصير معه ثمانون أيضا يبقى ثلاثمائة وعشرون، فإذا أخذ الخامس خمسين وتسع الباقي ثلاثين يبقى مائتان وأربعون، فإذا أخذ السادس ستين وتسع الباقي عشرين يبقى مائة وستون، فإذا أخذ السابع سبعين وتسع الباقي عشرة يبقى ثمانون يأخذها الثامن فقد حصل لكل واحد منهم ثمانون، والله أعلم وأحكم بالصواب‏.‏